الجمعة، 24 سبتمبر 2010

خليفة الله المهدي ومشروع الخلافة المقبلة ــ الحلقة الثانية ـ الشيخ والمفكر الاسلامي التجديدي محمد حسني البيومي الهاشمي


خليفة الله المهدي ومشروع الخلافة المقبلة

الحلقة الثانية ـ الشيخ والمفكر الاسلامي التجديدي

محمد حسني البيومي الهاشمي

وذكر أيضا النبي قال صلى الله عليه وآله الطاهرين

: [ إني لأرجو ألا تذهب الأيام والليالي حتى يبعث الله منا لأهل البيت غلاما شابا حدثا لم تلبسه الفتن ولم يلبسها . يقيم أمر هذه الأمة ، كما فتح الله بنا فأرجو أن يختمه الله بنا ] (59)

قال العباس عليه السلام :

يا رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين :

ما لنا في هذا الأمر يا رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين

قال صلى الله عليه وآله الطاهرين : - يعني آل البيت –

[ لي النبوة ولكم الخلافة ، بكم يفتح هذا الأمر وبكم يختم ] (60)

وعن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة :

[ المهدي منا يختم الدين بنا كما فتح بنا ] (61)

[ حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان قال : نا محمد بن سفيان الحضرمي قال : ابن لهيعة ، عن أبي زرعة عمرو بن جابر ، عن عمر بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب ، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أمنا المهدي أم من غيرنا يا رسول الله ؟ قال : [ بل منا ، بنا يختم الله كما بنا فتح ، وبنا يستنقذون من الشرك ، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة بينة ، كما بنا ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك ] قال علي : أمؤمنون أم كافرون ؟ فقال : [ مفتون وكافر ] (62)

[ من أحب أن يبارك له في أجله وأن يمتعه الله بما خوله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة ...] (63)

[عن ابن عباس أن رجلا من الأنصار وقع في العباس كان في الجاهلية [ حم ].

عن ابن عباس قال : قال العباس : يا رسول الله ! ما لنا في هذا الأمر ؟ قال : لي النبوة ولكم الخلافة ، بكم يفتح ] (64) قال النبي r للعباس (ع) : [ فيكم النبوة والمملكة ] (65)

وقال (ص) : [ لكم النبوة والمملكة ] (66)

و قال r: [ الخلافة فيكم والمملكة ] (67)

والعباس عم النبي (ص) هو بمقام أبيه وأبناء النبي r من علي وفاطمة عليهما السلام هم ولده، والنبي وعلي عيهما الصلاة والتسليم هما أبوا هذه الأمة كما جاء في الحديث الصحيح . (68)

وقال r [ ان الله تعالى فتح هذا الأمر ويختمه بولدك ] (69)

ويذكر ابن حجر الهيثمي : [ يختم الله عز وجل به الدين كما فتحه برسول الله (ص) ] – ولا يعارضه ما يأتي في القحطاني وغيره أنه من المنسوبين إليه والختم بالمهدي حقيقة .." يقوم بالدين جمعا ، كما قام الني r في أوله ] (70)

ويؤكده قوله r: [ ان بنا أهل البيت يفتح و يختم ] (71)

.. فالمهدي u هو بضعة النور النبوية المدخرة لخلاص العالمين والخاتمة لدين النبي محمد في بوتقة العدل وهو المخلص للأمم من الفتن.. وهو قوله r

: [ لا ، بل منا يختم الله له الدين، كما أفتتح بنا، وبنا ينقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك ] (72)

وذكر أبو عمرو الداني بسنده [ لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لختم الله بنا هذا الأمر كما فتحه [ وقال : [ بنا بدئ هذا الأمر وبنا يختم ] وقال r : [ إني لأرجو ألا تذهب الأيام والليالي حتى يبعث الله منا أهل البيت غلاما شابا حدثا لم تلبسه الفتن ولم يلبسها ، يقيم أمر هذه الأمة كما فتح الله هذا الأمر بنا فأرجو أن يختمه الله بنا ] (73)

فهو u محطم الأغلال وقاتل الظلمة، والمستغلين، وقاهر المستكبرين، وهو حديث النبي r لعلي أمير المؤمنين u :

[ يا علي بنا فتح الله الإسلام وبنا يختمه، بنا هلك الأوثان ومن يعبدها، وبنا يقصم كل جبار وكل منافق، حتى إنا لنقتل في الحق مثلما قتل في الباطل، يا علي .. إنما مثل هذه الأمة مثل حديقة أطعم منها فوج عاما، ثم فوجا عاما، فلعل آخرها فوجا أن يكون أثبتها أصلا وأحسنها فرعا، وأحلاها جنىً، وأكثرها خيرا، وأوسعها عدلا وأطولها ملكا، يا علي .. إنما مثل هذه الأمة كمثل الغيث لا يدري أوله خير أم آخره، وبين ذلك نهج أعوج لست منه وليس مني يا علي . وفي تلك الأمة الفلول والخيلاء وأنواع المثلات، ثم تعود هذه الأمة إلى ما كان خيار أوائلها .. الحديث ] (74)

والسؤال لأمير المؤمنين u قال: يا رسول الله .. أمنا المهدي أم من غيرنا ؟ فقال: [ لا بل منا يختم الله بنا الدين كما فتح، وبنا يُنقذون من الفتنة، كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم ) والسؤال لأمير المؤمنين عليه السلام قال : قلت: يا رسول الله .. :

( أمنا المهدي أم من غيرنا ؟ فقال:

[لا بل منا يختم الله بنا الدين كما فتح، وبنا يُنقذون من الفتنة ، كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك . وبنا يصلحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا ] وفي رواية أخرى ذكرها الطبراني في الأوسط قال: [ قال علي : أمؤمنون أم كافرون ؟ فقال :

[ مفتون وكافر ] لم يرو هذا الحديث عن أبي زرعة عمرو بن جابر إلا ابن لهيعة ، تفرد به : محمد بن سفيان ]

(75) [ إن بنا أهل البيت يفتح ويختم ] (76)

وهكذا يتواصل المهدي عليه السلام بالسير في ثورته كما وعد جده صلى الله عليه وآله الطاهرين نحو القدس محررا وموحدا إلى قلب كل العواصم مُسقطا شرعية خنزير الغرب وصليب الوثنية، يقول النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين :" عيسى يقتل الخنزير" وهو الدجال إذ كيف يُفهم بإنسانية المسيح عليه السلام وهو وزير الإمام المهدي عليه السلام العادل أن يقتل حيواناً بلا ذنب، فالمقصود بالحديث في وعينا هو الدجال وبني إسرائيل، وهذه رسالة الفتح وختم الرسالة كما بدأها النبي وعلي عليهم صلوات الله وسلامه من خيبر وحتى القدس.

10 ـ القدس عاصمة خلافة المهدي عليه السلام

يقول النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[ المهدي مهاجره بيت المقدس ] (77)

أي مقام خلافته وأهل بيته الطاهرين وذريته وجيوشه وأنصاره في العالم ..

[ يبلغ بمكة ثم يذهب إلى الشام وإلى خراسان وغيرها ، ثم يكون مقره بيت المقدس ] (78)

ومنها يفتح جميع الفتوح وإلى الهند وروما وأمريكا .. [ ويأتيه ملوك الهند – الوثنيين – مغلغلين ويفتح ما بين المشرق والمغرب ] (79)

[حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي عبد الله المشجعي عن أبي أمية الكلبي عن شيخ حدثهم زمن ابن الزبير أدرك الجاهلية علامة قال تنزل الخلافة بيت المقدس تكون بيعة هدى يحل لمن بايعه بها نساؤهم يقول لا يأخذ عليهم بطلاق ولا عتق ] (80)

[ عن أبي الزاهرية عن كعب قال ينزل رجل من بني هاشم ببيت المقدس حرسه اثنا عشر ألفا . ] (81)

[ قال كعب ويلي الناس رجل من بني هاشم ببيت المقدس يطفئ سننا كانت معروفة ويبتدع سننا لم تكن حتى لا يجد عالم يحدث بحديث واحد ] (82)

[وأخرج الحاكم أيضا عن علي بن أبي طالب قال المهدي مولده بالمدينة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم واسمه اسم نبي ومهاجره بيت المقدس ..]

[عن أبي أمامه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال وقال فتنفي المدينة الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص فقالت أم شريك فأين العرب يا رسول الله يومئذ قال هم يومئذ قليل رجلهم بيت المقدس وإمامهم المهدي رجل صالح .. ] (83)

11 ـ المهدي عليه السلام أمر الساعة :

: [ الآية الثانية عشرة قوله تعالى وإنه لعلم للساعة الزخرف : 61

قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين إن هذه الآية نزلت في المهدي ] عليه السلام (84)

12 ـ المهدي عليه السلام قائد وعد الآخرة :

قراءة وعد الآخرة في القرآن هو قراءة إلهية لظهور خليفة الله المهدي عليه السلام وهو وعد السيادة الإلهية وخلافة الله على الأرض بدأت وستنتهي بالنبي وآل بيته المطهرين عليهم السلام .. وهو وعد رباني حق في الكتاب وعده الله لنبيه

صلى الله عليه وآله الطاهرين

قال تعالى في علاه :

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ } النور55

والذين آمنوا هم آل البيت النبوي عليهم السلام ومن والوهم فهم الموعودون بخلافة الله تعالى وختم الدين في وعد الآخرة وزمن النهاية .. واللام هي لام المستقبل وواضحة الآيات أنها تفيد كما الأحاديث عن زمن آخر الزمان ..

قال تعالى :

{أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } يونس55 .. ووعد الله الحق الذي في القرآن هو خليفة الله المهدي المنسوب بمقام التشريف للعلي العزيز .. والخطاب القرآني لأهل الكهف عليهم السلام هو جزء من هذا الوعد لأنهم قادة خليفة الله المهدي عليه السلام قال النبي

صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[أخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

[ أصحاب الكهف أعوان المهدي ] (85)

[ وورد ان أصحاب الكهف يبعثون في آخر الزمان ويحجون ويكونون من هذه الأمة تشريفا لهم بذلك وورد مرفوعا

[ أصحاب الكهف أعوان المهدي فقد اعتد بما يفعله أصحاب الكهف بعد إحيائهم من الموت ]

ولابد أن يكون الله تعالى كتب لابوى النبي عمرا ثم قبضهما قبل استيفائه ثم أعادهما لاستيفائه تلك اللحظة الباقية وآمنا فيها فيعتد به وتكون تلك البقية بالمدة الفاصلة بينهما لاستدراك الإيمان من جملة ما أكرم الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم كما ان تأخير أصحاب الكهف هذه المدة من جملة ما أكرموا به ليجوزوا شرف الدخول في هذه الأمة ] (86)

وهو قوله تعالى فيهم :

{ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا } الكهف21

يسلطهم الله تعالى وكل قادة المهدي خليفة الله الموعود عليه السلام على الظالمين والكافرين .. قال تعالى : َ

{ لاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } الرعد31 ..

وعندما عاداه قومه وجحدوا بولاية أمير المؤمنين علي وأهل البيت عليهم السلام جاء وحي الله الكريم لرسوله في قرآنه بتلاوة وعد الآخرة بالمهدي من ولده عليه السلام . قال تعالى :

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } : الروم60

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ }غافر55

{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ }الجاثية32

وبوعده لنهاية الإفساد الإسرائيلي على يد خليفة الله المهدي عليه السلام .

{إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً } : الإسراء7

{وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }الإسراء104

لقول في تأويل قوله تعالى :

{ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103)

وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) يقول تعالى ذكره:

فأراد فرعون أن يستفز موسى وبني إسرائيل من الأرض،( فَأَغْرَقْنَاهُ ) في البحر،( وَمَنْ مَعَهُ ) من جنده( جَمِيعًا ) ، ونجَّينا موسى وبني إسرائيل، وقلنا لهم( مِنْ بَعْدِ ) هلاك فرعون( اسْكُنُوا الأَرْضَ ) أرض الشام( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) يقول: فإذا جاءت الساعة، وهي وعد الآخرة .. (87)

: [قال ابن عباس: فذلك قوله :

{ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } [الإسراء:104] و [ وعد الآخرة": عيسى ابن مريم ] (88)

{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) }

{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } يعني : أولى المرتين.

قال قتادة : إفسادهم في المرة الأولى ما خالفوا من أحكام التوراة، وركبوا المحارم . وقال ابن إسحاق: إفسادهم في المرة الأولى قتل أشعياء بين الشجرة وارتكابهم المعاصي .

{ بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا } قال قتادة : يعني جالوت الخزري وجنوده وهو الذي قتله داود .

وقال سعيد بن جبير: يعني سنجاريب من أهل نينوى.

وقال ابن إسحاق: بختنصر البابلي وأصحابه. وهو الأظهر.

{ أُولِي بَأْسٍ } ذوي بطش، { شَدِيدٍ } في الحرب، { فَجَاسُوا } أي فطافوا وداروا

{ خِلالَ الدِّيَارِ } وسطها يطلبونكم ويقتلونكم والجوس طلب الشيء بالاستقصاء. قال الفراء: جاسوا قتلوكم بين بيوتكم .

{ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا } قضاء كائنا لا خلف فيه.

{ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ } يعني: الرجعة والدولة ، { عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا }

عددا ، أي : من ينفر معهم وعاد البلد أحسن مما كان .

{ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ } أي : لها ثوابها ، { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } أي : فعليها كقوله تعالى : " فسلام لك " (الواقعة-91) أي :

عليك وقيل: فلها الجزاء والعقاب.] (89)

[قال الكلبي: [ فإذا جاء وعد الآخرة ] :

يعني مجيء عيسى من السماء [ جئنا بكم لفيفا ] (90)

وهو زمن خلافة السيد المهدي عليه السلام حيث يكون عيسى النبي إماما مقسطا عدلا في دولته وهو الذي يصلي خلفه .. ويجاهد مع خليفة الله المهدي الملائكة والصالحين .. وجمع مقدس من الغيبيين ..

[ .. عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ جَاءَتْ مِنْ خُرَاسَانَ فَأْتُوهَا فَإِنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ ] (91)

[وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)

{ وَعْدُ الأَخِرَةِ } : القيامة وهي الكرة الآخرة ، أو تحويلهم إلى الشام ، أو نزول عيسى عليه الصلاة والسلام { لَفِيفاً } مختلطين لا يتعارفون ، أو جميعاً. ] (92)

وفي الأدلة القرآنية و الحديثية يكون المهدي عنوان الأمة وعنوان كل مرحلة ..

13 ـ الخلافة وأهل البيت عليم السلام في آخر الزمان :

ــ [.. النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ فَقَالَ يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمَرَاءِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ ] . (93).

- و في الرواية ..ا داود الواسطي ، قال : وكان ثقة ، قال : سمعت حبيب بن سالم ، قال : سمعت النعمان بن بشير بن سعد ، في حديث ذكره قال : فجاء أبو ثعلبة فقال : يا بشير بن سعد ، أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء ، وكان حذيفة قاعدا مع بشير ، فقال حذيفة : أنا أحفظ خطبته ، فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

[ إنكم في النبوة ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء ، ثم يكون خلافة على منهاج النبوة تكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء ، ثم تكون جبرية . تكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها ، إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ] قال : فقدم عمر - يعني : ابن عبد العزيز - ومعه يزيد بن النعمان فكتبت إليه أذكره الحديث وكتبت إليه إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين بعد الجبرية ، قال : فأخذ يزيد الكتاب فأدخله على عمر فسر به وأعجبه .. ] (94)

- حدثنا أبو داود قال : حدثنا داود الواسطي ، وكان ثقة ، قال : سمعت حبيب بن سالم ، قال : سمعت النعمان بن بشير بن سعد ، قال : كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان بشير رجلا يكف حديثه ، فجاء أبو ثعلبة ، فقال : يا بشير بن سعد ، أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء ؟ وكان حذيفة قاعدا مع بشير ، فقال حذيفة : أنا أحفظ خطبته ، فجلس أبو ثعلبة ، فقال حذيفة :

-

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

-

[ إنكم في النبوة ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا عاضا ـ الحكم المتعسف ـ فيكون ما شاء الله أن يكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون جبرية ـ الحكم القهري ـ فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ]

، ثم سكت ، قال : فقدم عمر ومعه يزيد بن النعمان في صحابته ، فكتبت إليه أذكره الحديث فكتبت إليه : إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين بعد الملك العاض والجبرية قال : فأخذ يزيد الكتاب فأدخله على عمر ، فسر به وأعجبه ] . (95)

وجملة هذه الأحاديث تؤكد حتمية سيادة ملك المهدي عليه السلام وظهوره في آخر الزمان على الدين كله بعد فوات وموات في الدين . يقضي على حكم الجبرية والطغاة والمستبدين ..

14 ـ المهدي عليه السلام قائد العدل والقسط الإلهي :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ أَقْنَى الْأَنْفِ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ ] (96)

روى الطبراني :

[ المهدي منا يحتم الدين بنا كما فتح " وروى الحاكم في المستدرك :

" لا يحل بأمتي البلاء في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه حتى لا يجد الرجل ملجأ فيبعث الله رجلا من عترتي أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يحبه ساكن الأرض وساكن السماء وترسل السماء مطرها وتخرج الأرض نباتها لا تمسك فيها شيئا يعيش فيهم سبع سنين أو ثمانيا أو تسعا حتى يتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله بأهل الأرض من خيره ] (97)

و [ يضرب الناس حتى يرجعوا الى الحق" (98)

[ عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال :

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا ] : (99)

[مجاهد قال : حدثني فلان رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) :

[ أن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية ، فإذا قتلت النفس الزكية ، غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض ، فأتى الناس المهدي ، فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها ، وهو يملا الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها ، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط ].

[- حَدَّثَنَا عُمَرُ بن إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بن أَبِي خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَلِيِّ بن خَالِدٍ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بن عَبْدِ الْغَفَّارِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ بن أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بن حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لا يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَلِيَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي ] (100)

[عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :

[ لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي - أو عترتي ، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا ] (101)

15 ـ المهدي في مواجهة العلماء والحكام المفسدين :

قال تعالى : [ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ] (هود: 113 ] ، قال المفسرون :

[ إن رحي الإسلام دائرة، وإن الكتاب والسلطان سيفترقان، فدوروا مع الكتاب حيث دار، وستكون عليكم أئمة إن أطعتموهم أضلوكم وإن عصيتموهم قتلوكم، قالوا: فكيف نصنع يا رسول الله ؟ قال : كونوا كأصحاب عيسى، نصبوا على الخشب ونشروا بالمناشير، موت في طاعة، خير من حياة في معصية ] (102)

16 ـ المهدي في مواجهة فقهاء البلاط الخونة :

إن أبرز ما يميز وجهة المهدي هو أنه مصدرية التشريع الإلهي في الأرض وهو الملهم من عند الله وعلمه هو علم الله الغيبي ، فهو كإنسان سماوي، خبأه الله بروحه وجسده في سماواته وعليائه وفي عميق غيبه وحفظه ليوم الوقت المعلوم ، وبذلك فهو عليه السلام ثورة مضادة على كل أدعياء الدين والمتاجرين بكلمات الله في الأرض ومع ذلك فهو:

[ يدعو إلى الله بالسيف فمن أبى قتل ومن نازعه خُذل يظهر من الدين ما هو الدين عليه نفسه ما لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين لحكم به – يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص، أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهبت إليه أئمتهم ـ من أهل البيت عليهم السلام ـ فيدخلون كرها ، تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه فليس له عدو بيِّن إلا الفقهاء خاصة فإنهم لا يبقى لهم رياسة ولا تمييز عن العامة ، بل لا يبقى لهم علم بحكم إلا قليل ، ويرفع الخلاف عن العالم في الأحكام بوجود هذا الإمام ولولا السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله ، ولكن الله يظهره بالسيف والكرم ، فيطمعون ويخافون فيقبلون حكمه من غير إيمان بل يضمرون خلافه ، يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم ، يبايعونه العارفون بالله ] (103)

و المهدي عليه السلام :

[ يفصل في القضية يخرج على فترة من الدين ومن أبى قتل ومن نازعه خذل يظهر من الدين ماهو عليه في نفسه ما لو كان رسول الله

صلى الله عليه وآله الطاهرين

حيا لحكم برفع المذاهب من الأرض من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص وأعداءه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد فيدخلون كرها تحت حكمة خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه يفرح به عامه المسلمين يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق ] (104)

لقد شنّ وعاظ السلاطين على امتداد تاريخ المسلمين حملة شعواء على عقيدة المهدي عليه السلام وظهوره لصالح حكام الظلام والجور الذين مسخوهم سلفا !!

فيما نقلوا عنه حتى إذا اعترفوا بوجوده في آخر الزمان سجلوا صورة مشوهة فهو لا يعرف ذاته وأن أتباعه يهددونه بالبيعة بالقوة وتحت السيف !! هذه الصورة الهزيلة إنما انبعثت من حقيقة تركيبة هؤلاء الخونة التاريخيين حينما باعوا أنفسهم لقتلة أشراف الأمة من أهل البيت عليهم السلام وكل الأحرار الملتزمين لخياراتهم الثورية الأصيلة .

17 ــ سيرته في مواجهة المخالفين :

.. تفيد النصوص بقوة المهدي وشخصيته العنيدة في مواجهة المخالفين ..

.. وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في خبره عن القائم عليه السلام قال:" انه يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا، ويلٌ لمن ناوأه ]

وعن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه السلام يقول :

[ لو يعلم الناس ما يصنع المهدي إذا خرج، لأحب أكثرهم ألا يروه ، مما يقتل من الناس، أما إنه لا يبدأ إلا بقريش، فلا يأخذ منها إلا السيف، ولا يعطها إلا بالسيف، حتى تقول كثير من الناس: ما هذا من آل محمد، لو كان من آل محمد

صلى الله عليه وآله الطاهرين لرحم ]..

وعن أبي عبد الله الحسين عليه السلام أنه قال:

" إذا خرج المهدي عليه السلام لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف وما يستعجلون بخروج المهدي! والله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الشعير،

وما هو إلا السيف والموت تحت ظل السيف ] (105)

قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[ ومن أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد ومن

أنكر نزول عيسى فقد كفر ومن أنكر خروج الدجال فقد كفر ] (106)

أحكا م الله عنده صارمة و

.. [ إن كل من يعترض أصحابه في كل الأرض لا يلومن إلا نفسه ، فمن بعدت به الحدود قربته له الملائكة بالسيوف ، فمعه كتاب فيه أصحابه وأعداءه.. القدر والغيب مفتوح أمامه من الله ، يعلم من الله ويعلمه الله ، ولا يُعلمه أحدا إلا الذي خبأه لوعده وقدره.. حوله جماعة من الخلاء والأصحاب في ذات شخصيته.. أقوياء عظام .. لو أراد بهم خوض البحار لخاضوها معه ، ليس لهم هم إلا رضاء الله وطاعة إمامهم ]

(107) [ عن ثوبان ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

[ زويت لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها ، وأعطيت الكنزين الأصفر والأبيض ، يعني : الذهب والفضة ، وقيل لي : إن ملك أمتك إلى حيث زوي لك ، وإني سألت الله عز وجل ثلاثا : أن لا يسلط على أمتي جوعا فيهلكهم به عامة ، وأن لا يسلط عليهم عدوا فيهلكهم ، وأن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض ، وإنه قيل لي : إذا قضيت قضاء فلا مرد له ، وإني لا أسلط على أمتك جوعا فيهلكهم ، ولا أسلط عليهم عدوا فيهلكهم ، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها حتى يقيم بعضهم بعضا ، ويقتل بعضهم بعضا ، وإن مما أتخوف على أمتي أئمة مضلين ، وإذا وضع فيهم السيف فلن يرفع إلى يوم القيامة ، وستعبد قبائل من أمتي الأوثان ، وستلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وإن بين يدي الساعة دجالين كذابين قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه نبي ، ولا نبي بعدي ، ولن تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ] :

لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد بن بشير ، تفرد به : محمد بن شعيب . (108)

[ فإن تصديق ذلك في كتاب الله ، قول الله عز وجل : [ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون ]

[ آل عمران آية رقم : 55 ] وهو المهدي خليفة الله وختم النبوة والرسالة المحمدية [ بنا يختم ] ..

[إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ] .. (109)

[ إنه سيكون عليكم أمراء فال تعينوهم على ظلمهم، فمن صدقهم بكذبهم فلن يرد علي الحوض ] (110)

وعن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[ سيكون عليكم أمراء يظلمون ويكذبون، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، ولا يرد علي الحوض ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعينهم، فهو مني وأنا منه ، وسيرد علي الحوض ] (111)

[ إن رحي الإسلام دائرة، وإن الكتاب والسلطان سيفترقان ، فدوروا مع الكتاب حيث دار، وستكون عليكم أئمة إن أطعتموهم أضلوكم وإن عصيتموهم قتلوكم، قالوا: فكيف نصنع يا رسول الله ؟ قال : كونوا كأصحاب عيسى ، نصبوا على الخشب ونشروا بالمناشير، موت في طاعة، خير من حياة في معصية ] (112)

[ لا طاعة لمن لم يطع الله عز وجل ]

قول النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[ ما ترون إذا أخرتم إلى زمان حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم ونذورهم فاشتبكوا، وكانوا هكذا ـ وشبك بين أصابعه ــ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال: تأخذون ما تعرفون وتدعون ما تنكرون ، ويقبل أحدكم على خاصة نفسه ، ويذر أمر العامة ] (113)

وفي رواية :

[ اتق الله عز وجل ، وخذ ما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك وإياك وعوامهم ] (114)

قال صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[ إنكم ستحرصون على الإمارة، وستصير حسرة وندامة يوم القيامة ، نعمت المرضعة وبئست الفاطمة ]. (115)

نعم المرضعة: لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاذ الكلمة وتحصيل اللذات الحسية، وبئست الفاطمة : أي بعد الموت لأن صاحبها يصير إلى المحاسبة .. قال صلى الله عليه وآله وسلم (ليتمن أقوام ولوا هذا الأمر، أنهم خروا من الثريا وأنهم لم يولوا شيئا ] (116)

18 ـ تحرير القدس طريق خلافة المهدي :

أجمعت الأحاديث الشريفة أن المهدي الموعود حين خروجه يجتمع إليه أصحابه الربانيون من محاور ثلاثة هي : خراسان والعراق والشام ومن جيوش الشام يكون الأبدال وتكون فلسطين خاتمة مقامه العلي في الأرض . وبهم يقوم بتشكيل جيشه الطليعي والروحاني الأول ويتجه بهم نحو القدس عبر بوابة الشام .. ويشكل مشروع التحرير الجدار الصلب لتعبئة المسلمين نحو تحرير الأرض المقدسة وضمانة التلاحم المليوني للمسلمين .. (117)

قال النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين

: [ المهدي مهاجره بيت المقدس ] (118)

[ ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس وتنقل له الخزائن ... ] (119)

[ عن أرطأه : ينزل المهدي ببيت المقدس ثم يكون خلف من أهل بيته بعده تطول عدتهم ] (120)

وقال صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[ ويسير المهدي حتى ينزل في بيت المقدس ] (121)

[ ينزل خليفة من بني هاشم بيت المقدس يملأ الأرض ، يبني ببيت المقدس بناء لم يبن مثله ، يملك أربعين .. ] (122)

19 ـ المهدي الموعود رمز وحدة الأمة :

قال تعالى :

{ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [آل عمران103 ]

قال الإمام الصادق وجمع من أهل البيت عليهم السلام أجمعين : ان هذه الآية نزلت في حق أهل البيت عليهم السلام وأمير المؤمنين علي عليه السلام خاصة .. [أخرج الثعلبي في تفسيرها عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال نحن حبل الله الذي قال الله فيه واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وكان جده زين العابدين إذا تلا قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين التوبة 119 يقول دعاء طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العلية ..] .(123)

{ واعتصموا بِحَبْلِ الله } أي القرآن وروى ذلك بسند صحيح عن ابن مسعود . وأخرج غير واحد عن أبي سعيد الخدري قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

[ كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض ]

وأخرج أحمد عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

[ إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله عز وجل ممدود مابين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ] (124)

[قولهم اعتصمت بحبله : يجوز أن يكون تمثيلاً لاستظهاره به ووثوقه بحمايته ، بامتساك المتدلي من مكان مرتفع بحبل وثيق يأمن انقطاعه ، وأن يكون الحبل استعارة لعهده والاعتصام لوثوقه بالعهد ، أو ترشيحاً لاستعارة الحبل بما يناسبه . والمعنى : واجتمعوا على استعانتكم بالله ووثوقكم به ولا تفرقوا عنه ] (125)

[ وقد ذكر السيوطي رحمه الله في تفسير الآية :

[ وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

[ كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض ] .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي شريح الخزاعي قال :

[ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

إن هذا القرآن سبب . طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا بعده أبداً ] .

وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن زيد بن أرقم قال :

خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني تارك فيكم كتاب الله ، هو حبل الله ، من اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ] .

وأخرج أحمد عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

[ إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض ، وعترتي وأهل بيتي ، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ] : تفسير سورة آل عمران قوله تعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ..

[أخرج الثعلبي في تفسير قوله تعالى :

( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )،

عن جعفر الصادق عليه السلام قال : نحن حبل الله ]..

وأخرج الثعلبي في تفسير الآية عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال:

[ نحن حبل الله الذي قال فيه (126)

: [ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ] (127)

وكان جده زين العابدين عليه السلام إذا تلا قوله تعالى :

[ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ]

يقول دعاءً طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة العارفين وبالدرجات العلية، وفي وصف المحن التي ابتلي بها وعلى بيان ما انتحلته المبتدعة المفارقون لأئمة الدين من الشجرة النبوية ثم يقول: وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا واحتجوا بمتشابه القرآن فتأولوا بآرائهم واتهموا مأثور الخبر.. إلى أن قال : وقد دُرست أعلام هذه الأمة وذهبت الأمة بالفرقة والاختلاف فيكفر بعضهم بعضا والله تعالى يقول :

[ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات ] فمن الموقوف على إبلاغ الحجة وتأويل الآيات إلا أهل الكتاب وهم أبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله تعالى بهم على عباده ولم يدع الخلق سدى من غير حجة هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم : (128)

: وبهذا تتوالى الأدلة القرآنية في تبيان القواعد الإلهية للوحدة والتلاحم والتوحد مع خليفة الله المهدي عليه السلام ، وبهذه التحديدات الربانية تكون صورة الوحدة بين خليفة الله الموعود وهو قلب الأمة وجماهير المسلمين والقرآن والعترة النبوية هما أصل وقلب الدائرة الرحمانية لوحدة الأمة وفيه ما رواه :

[زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا ] (129)

وفي ختام الحديث وضوح معادلة الوحدة ومشروع الخلافة الإلهية على قاعة القرآن والعترة النبوية المطهرة

[ كيف تخلفوني ] أمر الهي لوضوح المنهجية التوحيدية وهما [ . الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ] (130)

وقد جعل الحديث والقرآن هم خليفتين متلازمين أبديين لا ينفكان حتى يوم القيامة : [ خَلِيفَتَيْنِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وعتري أَهْلُ بَيْتِي وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ] (131)

.. وهكذا يظهر البيان على لسان النبوة المعظمة جلية واضحة بتوضيح منابع وأصول الوحدة الإلهية والنبوية في أول الزمان وأخره "

وعد الآخرة بالمهدي الموعود خليفة الله وقرين القرآن ..

وأي تجرؤ أو مخالفة عدوانية على القرآن فهو لعنة ستلاحقه حتى يوم القيامة قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : [عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب قال : سمعت علي بن الحسين يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ستة لعنتهم ] ثم ذكر الستة المذكورين في الحديثين الأولين قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث أخذ ابن موهب إياه عن علي بن الحسين ، لا عن عمرة ، ولا عن غيرها ، وكان الثوري هو الحجة في ذلك ، والأولى أن تقبل روايته فيه عن ابن موهب لسنه وضبطه وحفظه ، غير أن ابن أبي الموال ذكر القصة التي ذكرها فيه من بعثه أبي بكر بن حزم إياه إلى عمرة في ذلك ، وإملاء عمرة إياه عليه عن عائشة ، فقوي في القلوب لذلك ، واحتمل أن يكون ابن موهب أخذه عن عمرة على ما حدث به عنها ، وأخذه مع ذلك عن علي بن الحسين على ما حدث به عنه مما قد ذكره عنه الثوري ، والله عز وجل أعلم بحقيقة الأمر في ذلك . ثم تأملنا متن هذا الحديث ، فكان الذي فيه من ذكر الجبروت اشتقاق ذلك من الجبرية كما اشتقوا الملكوت من الملك ، وكان الذي فيه من استحلال حرم الله عز وجل هو أن يجعل كما سواه مما لم يحرمه من بلاده ، إذ كان قد أبانه بتحريمه إياه من سائر بلاده سواه ، من منع عباده من دخوله إلا محرمين إما بالحج ، وإما بالعمرة ، ومن تحريم صيده ، ومن أمانه من دخله ، بقول الله عز وجل : ومن دخله كان آمنا ، وبتحريمه عضاهه الحرمة التي لم يجعلها كعضاه غيره ، ومن منعه القتال فيه من لا يجب قتاله ؛ لأنه قد أعلمنا عز وجل على لسان رسوله أن مكة لا تغزى بعد العام الذي غزاه ، وأنه لا يقتل قرشي بعد عامه ذلك صبرا ، أي لا يكفر أهلها بعد ذلك العام فيغزون كما غزوا في ذلك العام ، ولا يكفر قرشي بعد ذلك العام الكفر الذي أباح دماء أهلها القرشيين في ذلك العام ، فمن أنزل الحرم بخلاف تلك المنزلة كان به ملعونا ، وكان قوله : [ والمستحل من عترتي ما حرم الله عز وجل ] ، وعترته هم أهل بيته الذين على دينه ، وعلى التمسك بأمره ، كمثل ما قد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا مما كان منه صلى الله عليه وسلم بغدير خم من قوله للناس : [ إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل وعترتي ] (132)

لقد أوجبت اللعنة الأبدية على المستحل لمحارم القرآن والعترة من أهل البيت عليهم السلام .. و تجاوز أهل البيت عليهم السلام كركيزة ثانية مع القرآن هو فصم وتمزيق لعرى القرآن الكريم بصفة أهل البيت عليهم الإسلام هم المتممين للعترة حتى يوم القيامة .

20 ـ الإبتلاء بآل البيت عليهم السلام :

قال: (أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) (133)

وقال: (إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي) (134)

فإنه أخبر أمته بأنهم سيمتحنون بأهل بيته، قال: (إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي) (135)

وبهذا جعل الله تعالى أهل البيت النبوي بمثابة مفرزة الإيمان وبهم يتحدد الهداية وبهم يكون قبول الشفاعة ومن بابهم يكون رضا النبي الأعظم والشفاعة ..فإما تنحاز لأهل البيت وتكون مع القرآن وإما أن تتركهم فتكون من الحق والقرآن بعيدا المنال ، أن الله تعالى ورسوله الأكرم قد وحد بين القرآن والعترة ومن يفصل بينهما يفصل النبوة عن القرآن !! لأن النبي الأعظم كما جاء في الأحاديث الشريفة : [ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي ، وكل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم ](136)

قال: [ إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريدا ] (137).

[ يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ] [ الممتحنة: 1 ]

قال صلى الله عليه وآله وسلم: [ من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، فميتته جاهلية ، ومن قاتل تحت راية عمية ، يغضب لعصبته ويقاتل لعصبته وينصر عصبته، فقتل، فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها، لا يتحاشى لمؤمنها ولا يفي الذي عهدها، فليس مني ولست منه ]. (138)

وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له:

(أنت أخي وأبو ولدي، تقاتل في سنتي وتبرئ ذمتي، من مات في عهدي فهو كنز الله، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه، ومن مات يحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان، ما طلعت شمس أو غربت، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية، وحوسب بما عمل في الإسلام ] (139)

21 ـ انتظار المهدي عليه السلام هو فرج الأمة :

حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي قال، حدثنا إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن رجل لم يسمه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( سلوا الله من فضله، فإنه يحب أن يسأل، وإنّ من أفضل العبادة انتظار الفَرَج . (140)

[عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( سلُوا الله من فَضْلِه؛ فإن الله يحب أن يسأل وإن أفضل العبادة انتظار الفرج . ) (141)

وقال عطاء والقرظي:

صابروا الوعد الذي وعدتم . أي لا تيأسوا وانتظروا الفرج ،

قال صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[ انتظار الفرج بالصبر عبادة ] (142)

وفرج الأمة اليوم وهي تعيش أعقد مراحل التاريخ تراجعا وتحديا من أعدائها أن يكون بمخلصها الموعود عليه السلام والله تعالى حين يقول : وبشر الصابرين : إنما فيه وعد الله تعالى بالبشارة وهي ختم النبوة بأمانها وعلوها المرتقب .. وأهل بيت النبوة عليهم السلام هم أمل الأمة وسفينة نجاتها ونور أمانها ..

قال النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين :

[ مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها فقد نجا ومن تركها فقد غرق ] (143)

و في رواية :

(أخرج أحمد . والترمذي وصححه . والنسائي عن المطلب بن ربيعة قال : دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنا لنخرج فنرى قريشاً تحدث فإذا رأونا سكتوا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودر عرق بين عينيه ثم قال : والله لا يدخل قلب أمريء مسلم إيمان حتى يحبكم لله تعالى ولقرابتي )

وهذا ظاهر إن خص القربى بالمؤمنين منهم وإلا فقيل : إن الحكم منسوخ ، وفيه نظر ، والحق وجوب محبة قرابته عليه الصلاة والسلام من حيث أنهم قرابته صلى الله عليه وسلم كيف كانوا ، وما أحسن ما قيل :

داريت أهلك في هواك وهم عدا ... ولأجل عين ألف عين تكرم

وكلما كانت جهة القرابة أقوى كان طلب المودة أشد ، فمودة العلويين الفاطميين ألزم من محبة العباسيين على القول بعموم { القربى } وهي على القول بالخصوص قد تتفاوت أيضاً باعتبار تفاوت الجهات والاعتبارات وآثار تلك المودة التعظيم والاحترام والقيام بأداء الحقوق أتم قيام ، وقد تهاون كثير من الناس بذلك حتى عدوا من الرفض

السلوك في هاتيك المسالك . وأنا أقول قول الشافعي الشافي العي :

يا راكباً قف بالمحصب من منى ... واهتف بساكن خيفها والناهض

سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى ... فيضاً كملتطم الفرات الفائض

إن كان رفضاً حب آل محمد ... فليشهد الثقلان إني رافضي

ومع هذا لا أعد الخروج عما يعتقده أكابر أهل السنة في الصحابة رضي الله تعالى عنهم ديناً وأرى حبهم فرضاً على مبيناً فقد أوجبه أيضاً الشارع وقامت على ذلك البراهين السواطع . ومن الظرائف ما حكاه الإمام عن بعض المذكورين قال : إنه عليه الصلاة والسلام قال : قال : إنه عليه الصلاة والسلام قال :

[ مثل أهل بيني كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها هلك ]

وقال صلى الله عليه وسلم :

[ أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ] والرواية الأصح :

_ استدراك : ـ ( أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديت ) وهذا لا يخاصم الرواية الأولى فمن انتهج من الصحابة محبة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وهم المطهرون في القرآن كان معهم ويحمل سماتهم ومقامه في الجنان بمشيئة الرحمن معهم ...

ونحن الآن في بحر التكليف وتضربنا أمواج الشبهات والشهوات وراكب البحر يحتاج إلى أمرين . أحدهما : السفينة الخالية عن العيوب ، والثاني : الكواكب الطالعة النيرة ، فإذا ركب تلك السفينة ووضع بصره على تلك الكواكب كان رجاء السلامة غالباً ، فلذلك ركب أصحابنا أهل السنة سفينة حب آل محمد صلى الله عليه وسلم ووضعوا أبصارهم على نجوم الصحابة يرجون أن يفوزوا بالسلامة والسعادة في الدنيا والآخرة انتهى ، والكثير من الناس في حق كل من الآل والأصحاب في طرفي التفريط والإفراط وما بينهما هو الصراط المستقيم ، ثبتنا الله تعالى على ذلك الصراط . ] (144)

هذا وإن مسألة انتظار خليفة الله المهدي عليه السلام .. لا تستدعي من جماهيره ذلك الانتظار السلبي ورجاء الدعوات بانتظار الفرج أو المزيد من الدعوات دون إدراك حقائق ذلك البعث الثوري المهيب ودونما الإعداد الجماهيري القادر على تعبئة الأمة الثورية وإرساء مفهوم الإعداد الشمولي العام .. إن حالة العجز عن استلهام حالة البعث المهدوي السماوي كمشروع رباني جعل الأمة تعيش في غرق من الأوهام والجهل في حقائق أهل البيت النبوي ودورهم التاريخي .. إن مجموعة عوامل شرعية وتاريخية هي التي يجب أن تنتصب كقامة النبوة العظمى .. فالمشروع النبوي في خلافة المهدي الموعود عليه السلام هو مشروع الهي يوجب على الأمة والجماهير الإعداد له جيدا مهما بلغت التضحيات .. وبدون حركة البعث المرادة يبقى الإنسان خارج مساحة الرضا الإلهي ومنال الشفاعة النبوية المدخلة إلى الرحمة الإلهية والجنة .. وبدون بيعة المهدي وهو خليفة الله تعالى تنتقص عرى الإيمان و به يرهن القبول الإلهي للأعمال .. وإلا لما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أعظم العبادة انتظار الفرج ..

يتبع بمشيئة اله تعالى الحلقة الثالثة والخاتمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق